27 février 2011

في الثورة و الثوّار

:سألنا شيخا ذو حكمة و رجاحة رأي عن الثورة فقال



مثل الفايسبوك و الثورة التونسية كمثل الحمار و ثورة صاحب الحمار، فالحمار ليس ثوريّا في المطلق، و ليس كلّ من إعتلى حمارا أو صاحبه ثوريّا ، و زد عن ذلك أنّ بن يزيد، صاحب الحمار والثورة، لم يعرف عنه العفّة بل النرجسيّة



و مثل الثّورة و تونس كمثل فانوس أنار ظلمة ليل بهيم، و لكنّ الفوانيس في أحيائنا تستجذب عادة المعربدين و السّكارا بصيحاتهم الهجينة و قهقهاتهم، و بنحابهم أذيال الليل، تؤنسهم كائنات الظلام من خفافيش و فراش العثّة و بعوض ، فلا هنئ بسباتهم النائمون، و نصيب من إستفاق من غفوته منه قوارير النبيذ الفارغة و الزجاج المتناثر




و مثل الثائر و السّاسة كمثل من تاب عن إثم، فشدّ الرّحال، فحجّ بيت الرّحمان، فرجع إلى أهله، فأهدى رجلا "علكة الحجّ" كي يتبارك بها على عادة أهل البلاد، فظلّ صاحبنا يعدّد أفضال الحجّ و علكَته، وهو يلوكها دون هوادة، مطلقا قرقعة تصمّ الآذام، كأنّها الطّرق على رؤس السّامعين، فسكت ناسكنا قهرا حتى نطق كفرا، فلا العلكة باركت لائكها، و ما ثبت ثواب النّاسك



و مثل الثّورة و الثّوّار، كمثل قافلة خرجت تطلب رزقا و تجارة، فهامت في الصّحراء حتّى شحّ زادها ، فلاح لها في الأفق ما يشبه الواحة، فإذا ما تفرّق الرّكب كل يسابق صاحبه إلى عيونها و فاكهتها لم ينلهم إلاّ تعب الهرولة و سراب الواحة، و إذا ما واصلت طريقها مترّاصة الصفوف على إختلاف مآرب أفرادها بلغت غايتها و نعموا بما خيّل لهم أنّهم أبصروا



الثّورة فكرة، تولد و تندثر ، البعض يحياها و البعض يحيى على ذكراها، و يتوهم أغلبهم أنّه أدرك معناها